في يوم التروية : يا راحلين إلى منىً بقيادي هيجتموُا يوم الرحيل فؤادي
يا راحلين إلى منىً بقيادي هيجتموُ يوم الرحيل فؤادي
حرَّمتمو جفني المنام لبُعدكم ياساكنين المنحنى والوادي
سرتم وسار دليلكم يا وحشتي العِيسُ أطربني وصوت الحادي
فإذا وصلتم سالمين فبلغوا مني السلامَ أُهَيْلَ ذاك الوادي
وتذكروا عند الطواف متيماً صبّاً براه الشوقُ والإبعاد
لي في ربى ظلال مكة مرهمٌ فعسى الإلهُ يجود لي بمرادي
ويلوح لي ما بين زمزم والصفا عند المقامِ سمعت صوت منادي
يَقُولُ لِي يَا نَائِماً جدّ السُّرَى عَرَفَاتُ تجلو كل قلب صَادِي
من نال من عرفات نظرة ساعة نال السرور ونال كل مراد
يا رب أنت وصلتهم وقطعتني فبحقهم يا رب حُلّ قيادي
بالله يا زوار قبر محمد من كان منكم رائحاً أو غادي
فليبلغ المختار ألف تحية من عاشق متقطع الأكباد
مع توافد الحجاج، صباح اليوم الثامن من ذي الحجة، إلى مشعر منى لأداء فريضة الحج تتجدد في الذاكرة قصيدة "يا راحلين إلى منى" التي قالها شوقآ وحنينآ قبل 634 عاماً الشاعر الصوفي اليمني عبدالرحيم البرعي أحد شعراء القرن الثامن الهجري وأشهر وأعظم من مدح الرسول الكريم محمد صلوات الله عليه وعلى آله شعرا ، بعد أن داهمه المرض وأعياه الجهد والتعب، وهو في طريقه إلى مكة المكرمة؛ إلا أن الأجل سبق الأمل، وتوفي دون أن يلحق بالركب ويحجّ.
و"البرعي" رغم محاولة البعض أن ينسبوه إلى بلد عربي إلا أنه يمني الجنسية، ووُلِد وعاش في "الحديدة"، وذُكر أنه من أهل التراجم، وكان مفتياً، وعلى قدر رفيع في الأدب واللغة والسيرة النبوية، وأنه في آخر رحلاته للحرمين الشريفين، أحسّ بدنو أجله لما صار على بُعْد 50 ميلاً من مكة، وتوفاه الله، ودُفِن -رحمه الله- بـ"خيف البرعي" جهة "وادي الصفراء" بمحافظة بدر؛ ذلك عام 803هـ.